فصل: خبر الزفاف.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.استيلاء ابن جهير على ديار بكر.

ثم بعث ابن جهير سنة ثمان وسبعين ابنه زعيم الرؤساء أبا القاسم إلى حصار أمد ومعه جناح الدولة اسلار فحاصرها واقتلع شجرها وضيق عليها حتى جهدهم الجوع وغدر بعض العامة في ناحية من سورها ونادى بشعار السلطان واجتمع إليه العامة لما كانوا يلقون من عسف العمال النصارى فبادر زعيم الرؤساء إلى البلد وملكها وذلك في المحرم وكان أبوه فخر الدولة محاصرا لميافارقين ووصل إليه سعد الدولة كوهراس شحنة بغداد بمدد العساكر فاشتد الحصار وسقطت من السور ثلمه في سادس جمادي فنادوا بشعار السلطان ومنعوا ابن جهير من البلد واستولى على أمرال بني مروان وبعثها مع ابنه زعيم الرؤساء إلى السلطان فسار مع كوهراس إلى بغداد ثم فارقه إلى السلطان باصبهان ولما انقضى أمر ميافارقين بعث فخر الدولة جيشا إلى جزيرة ابن عمر فحاصرها وقام بعض أهلها بدعوة السلطان وفتحوا مما يليهم بابا قريبا دخل منه العسكر فملكوا البلد وانقرضت دولة بني مروان من ديار بكر والبقاء لله ثم أخذ السلطان ديار بكر من فخر الدولة بن جهير وسار إلى الموصل فأقام بها إلى أن توفي سنة ثلاث وثمانين.

.استيلاء السلطان ملك شاه على حلب وولاية اقسنقر عليها.

لما ملك تاج تتش مدينة حلب وكان بها سالم بن ملك بن مروان ابن عم مسلم بن قريش وامتنع بالقلعة وحاصره تتش سبعة عشر يوما حتى وصل الخبر بمقدم أخيه السلطان ملك شاه وقد كان ابن الحثيثي كتب إليه يستدعيه لما خاف من تتش فسار من اصبهان منتصف تسع وسبعين وفي مقدمته برسق وبدارن وغيرهما من الأمراء ومر بالموصل في رجب ثم سار إلى هراة وبها ابن الشاطي فملكها وأقطعها لمحمد بن شرف الدولة مسلم بن قريش وأقطعه معها مدينة الرحبة وأعمالها حران وسروج والرقة وخابور وزوجه أخته زليخا خاتون ثم سار إلى الرها وافتتحها من الروم وكانوا اشتروها من ابن عطية كما مر وسار إلى قلعة جعفر فملكها وقتل من كان بها من بني قشير وكان صاحبها جعفر أعمى وكان يخيف السابلة هو وولده فأزال ضررهم ثم ملك منبج وعبر الفرات إلى حلب فأجفل تتش عن المدينة ودخل ومعه الأمير أرتق ورجع إلى دمشق فلما وصل السلطان إلى حلب ملكها ثم إلى القلعة فملكها من سالم بن ملك على أن يعطيه قلعة جعفر فلم يزل بيد عقبة إلى أن ملكها منهم نور الدين الشهيد ثم بعث إليه نصر بن علي بن منقذ الكناني بالطاعة فأقره على شيراز وتسلم منه اللاذقية وبعرطاف وجامية ورجع ثم رجع السلطان بعد أن ولى على حلب قسيم الدولة أقسنقر ورغب إليه أهل حلب أن يعفيهم من ابن الحثيثي فأخرجه عنهم إلى ديار بكر ثم رجع السلطان إلى بغداد فدخلها في ذي الحجة من سنته ونزل بدار المملكة وأهدى للخليفة هدايا كثيرة واجتمع بالخليفة ليلا ثم دخل إليه في مجلسه نهارا وأفيضت عليه الخلع وسلم أمراء السلجوقية على الخليفة ونظام الملك قائم يقر بهم واحدا واحدا ويعرف بهم ثم صرح المقتدي للسلطان ملك شاه بالتفويض وأوصاه بالعدل فقبل يده ووضعها على عينيه وخلع الخليفة على نظام الملك وجاء إلى مدرسته التي فيها الحديث وأملى.

.خبر الزفاف.

قد قدمنا أن السلطان ملك شاه زوج ابنته من الخليفة المقتدي سنة أربع وسبعين بخطبة الوزير ابن جهير فلما كان سنة ثمانين في المحرم نقل جهازها للزفاف إلى دار الخلافة على مائة وثلاثين جملا مجللة بالديباج الرومي أكثرها ذهب وفضة ومعه ثلاث عماريات ومعها أربع وسبعون بغلا مجللة بأنواع الديباج المكي وقلائدها الذهب وعلى ستة منها اثنا عشر صندوقا من فضة مملوءة بالحلي والجواهر ومهد عظيم من ذهب وسار بين يدي الجهاز سعد الدولة كوهراس والأمير أرتق وغيرهما من الأمراء والناس ينثرون عليهم الدنانير والثياب وبعث الخليفة وزيره أبا شجاع إلى زوجة السلطان تركمان خاتون ومعه خادمه ظفر بمحفة لم ير مثلها ومعهم ثلثمائة من الشمع الموكف ومثلها مشاعل وأوقدت الشموع في دكاكين الحريم الخلافي وقال الوزير لخاتون سيدنا أمير المؤمنين يقول أن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وقد أذن في نقل الوديعة إلى داره فقالت سمعا وطاعة ومشى بين يديها أعيان الدولة مع كل وواحد الشمع والمشاعل يحملها الفرسان ثم جاءت المأمون من بعدهم في محفة مجللة عليها من الذهب والجواهر ما لا يحد ويحيط بالمحفة مائتا جارية من الأتراك على مراكب رائعة وأولم الخليفة وليمة لم يسمع بمثلها ثم أطلع الناس من الغد سماط مائدة عليها أربعون ألفا من السكر وخلع على أعيان العسكر وعلى جميع الحواشي.